حرب الضرائب الرقمية تشتعل بين أوروبا وأمريكا وسط رسوم ترامب
تشهد دول الاتحاد الأوروبي انقسامًا متزايدًا حول ما إذا كان ينبغي تعديل قوانين الضرائب الرقمية لتفادي العقوبات التجارية التي يهدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين بشأن الضرائب المفروضة على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.
ضرائب على الشركات الأمريكية
قالت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في مقابلة مع شبكة “BBC” إن الحكومة البريطانية تدرس تعديل ضريبة الخدمات الرقمية البالغة 2%، والتي تُفرض حاليًا على شركات التكنولوجيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها.
في المقابل، تتجه بولندا نحو تشديد موقفها الضريبي، حيث أعلن كريستوف جاوكوفسكي، نائب رئيس الوزراء البولندي، عبر التلفزيون الرسمي، عن عزمه تقديم قانون جديد للضريبة الرقمية هذا العام، مؤكدًا أنه “سيتخذ إجراءً صارمًا” رغم التحذيرات الأمريكية.
تهديدات أمريكية.. وردود أوروبية
حذّر توم روز، السفير الأمريكي في بولندا، من العواقب المحتملة، قائلًا: “إن هذه الفكرة ليست ذكية، وإذا لم تُلغَ الضريبة، فإن ترامب سيرد بالمثل كما ينبغي”.
ويعكس هذا التهديد ما قد يكون مقدمة لعودة السياسة التجارية العدائية التي اتبعها ترامب خلال ولايته الأولى، خصوصًا فيما يتعلق بمسألة الضرائب الرقمية.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض على الاقتصاد العالمي؟
ما هي ضريبة الخدمات الرقمية؟
تعرّف شركة “PwC” للاستشارات ضريبة الخدمات الرقمية بأنها ضريبة عامة تُفرض على الإيرادات الإجمالية لمقدّمي خدمات التكنولوجيا الرقمية.
وتشمل هذه الضرائب مجالات متعددة، منها الإعلانات الرقمية، واستخدام البيانات، والتجارة الإلكترونية، وخدمات البث (Streaming)، والتحميلات الرقمية، والوساطة والخدمات عبر الإنترنت.
موقف إدارة ترامب من الضرائب الرقمية
تصف إدارة ترامب الضرائب الرقمية بأنها إجراءات غير عادلة، وتعتبرها شكلًا من أشكال الابتزاز الاقتصادي ضد الشركات الأمريكية الكبرى مثل “غوغل” و”فيسبوك” و”أمازون”.
اقرأ أيضاً: «مورجان ستانلي»: أمريكا الأكثر تضرراً من تعريفات ترامب الجمركية
وجاء في الأمر التنفيذي الذي صدر في 20 فبراير: “هذه الضرائب تنهب الشركات الأمريكية بمليارات الدولارات، وتشكّل انتهاكًا للسيادة والمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة”.
وقال ترامب في بيان رسمي: “لن نسمح باستهداف الشركات الأمريكية من خلال سياسات وممارسات أحادية الجانب وغير عادلة من قبل الحكومات الأجنبية.”
الضرائب الرقمية في أوروبا
تتنوع السياسات الضريبية الرقمية بين الدول الأوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا، حيث تفرضان ضريبة بنسبة 3% على الشركات التي تحقق أرباحًا سنوية تتجاوز 750 مليون يورو من الإعلانات الرقمية ومبيعات البيانات والخدمات الإلكترونية.
إضافة إلى النمسا التي تطبّق ضريبة بنسبة 5% على الشركات التي تحقق أكثر من 25 مليون يورو من إيرادات الإعلانات الرقمية، ضمن أرباح سنوية تفوق 750 مليون يورو.
كما عدلت إيطاليا قانونها الضريبي مطلع العام الجاري، وألغت حد الأرباح البالغ 5.5 مليون يورو. وصرّح وزير الاقتصاد جيانكارلو جيورجيتي أن القانون لا يميز بين الشركات الأمريكية وغيرها، مؤكدًا إمكانية تعديل البنود الأخرى إذا اقتضت الحاجة.
التهديدات الجمركية الأمريكية ليست جديدة
إذا نفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية على خلفية الضرائب الرقمية، فلن تكون هذه هي المرة الأولى. ففي عام 2019، أطلق مكتب الممثل التجاري الأمريكي تحقيقًا ضد ضرائب الخدمات الرقمية في عدة دول، شملت فرنسا، وتركيا، وإيطاليا، والنمسا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجمهورية التشيك، والبرازيل، وإندونيسيا، والهند.
وفي عام 2021، تم إسقاط التحقيقات المتعلقة بالاتحاد الأوروبي والبرازيل وبعض الدول الأخرى بسبب عدم وجود ضرائب رقمية سارية وقتها.
ماذا حدث في 2021؟
في يونيو 2021، قرر الممثل التجاري الأمريكي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على بعض السلع المستوردة من فرنسا وإيطاليا والنمسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وتركيا والهند، إلا أن القرار أُلغي في نوفمبر من العام نفسه.
وجاء هذا الإلغاء بعد اتفاق هذه الدول ضمن مفاوضات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومجموعة العشرين على التراجع التدريجي عن الضرائب الرقمية القائمة. لكن الولايات المتحدة انسحبت لاحقًا من هذا الاتفاق مع بداية ولاية ترامب الثانية.
ما هو القادم؟
بحسب ما ورد في الأمر التنفيذي الصادر عن إدارة ترامب، من المقرر أن يعيد الممثل التجاري الأمريكي تقييم التحقيقات السابقة، وربما يضيف تحقيقًا جديدًا بشأن الضريبة الرقمية الكندية التي دخلت حيّز التنفيذ في عام 2024.
ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا جديدًا في النزاع الضريبي الرقمي بين الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، وسط مخاوف من أن تتحوّل هذه الخلافات إلى حرب تجارية رقمية شاملة.
مكة بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.