قراءة في الفائدة الأمريكية.. انقسام «الفيدرالي» يعمق الغموض في 2026

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، لكن الانقسامات الداخلية خلقت حالة من عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي وانعكاسات ذلك على الاقتصادات العالمية في الأشهر المقبلة.

وأعلن البنك المركزي، أمس الأربعاء، أنه سيخفض سعر الإقراض الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية (25 نقطة أساس)، ليضعه في نطاق يتراوح بين 3.50% و3.75% – وهو أدنى مستوى له في 3 سنوات.

ورغم أن خفض الفائدة كان متوقعًا قبل إعلانه رسميًا، اختلف مقررو السياسة النقدية حول كيفية الموازنة بين أولويتين متضاربتين: ضعف سوق العمل من جهة، وارتفاع الأسعار من جهة أخرى، فيما تشير التوقعات، إلى خفض سعر الفائدة مرة واحدة العام المقبل، مع إمكانية تغيير ذلك بظهور بيانات جديدة.

ماذا يقول باول؟

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن البنك المركزي بحاجة إلى وقت كاف لمعرفة تأثير تخفيضات أسعار الفائدة الثلاثة التي أقرها المجلس هذا العام على الاقتصاد الأمريكي، مضيفًا أن صناع السياسات سيدرسون البيانات الواردة بدقة قبل اجتماعهم المقبل في يناير 2026.
وصرح باول للصحفيين: “نحن في وضع يسمح لنا بالانتظار لنرى كيف سيتطور الاقتصاد، مشيرًا إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يواجه “وضعًا بالغ الصعوبة” في ظل مواجهته لمخاطر ارتفاع التضخم والبطالة، بحيث “لا يمكنه القيام بأمرين في وقت واحد”.
ومن المتوقع أن تتضح الصورة أكثر لدى محافظي البنوك المركزية الأسبوع المقبل، مع صدور البيانات الرسمية المتوقعة حول سوق العمل والتضخم لشهر نوفمبر.
وقد تُغير هذه البيانات الجديدة توقعات صناع السياسات، مما قد يُعزز الدعوات إلى مزيد من التيسير النقدي العام المقبل إذا ظهرت مؤشرات جديدة على تباطؤ سوق العمل.

خلافات وتباينات

قرار خفض أسعار الفائدة يوم الأربعاء لم يصدر بالإجماع، مما يشير إلى اتساع هوة الخلاف بين مجلس محافظي البنك المركزي حول آفاق الاقتصاد الأمريكي.
وأبدى ثلاثة مسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي الرأي السائد وأبدوا معارضتهم رسميًا لخفض الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية.
وصوّت ستيفن ميران، مستشار ترامب الاقتصادي، لصالح خفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية (50 نقطة أساس).
في المقابل، صوّت كل من أوستن جولزبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، وجيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة.
وعند سؤاله عن الخلافات بين المسؤولين، أقر باول بأن وجود “توتر مستمر” بين مهمتي الاحتياطي الفيدرالي المتمثلتين في الحفاظ على استقرار الأسعار وانخفاض البطالة هو أمر “غير معتاد”.

ترامب يطالب بأقل فائدة في العالم

استقبل الرئيس الأمريكي ترامب، الذي حث باول في العديد من المناسبات على خفض أسعار الفائدة، إعلان الفائدة بفتور، قائلاً إن “الفيدرالي” كان من الممكن أن يخفض الفائدة “بمقدار الضعف على الأقل”، أي 50 نقطة أساس.
وأضاف خلال اجتماع مائدة مستديرة في البيت الأبيض: “يجب أن تكون أسعار الفائدة لدينا أقل بكثير. يجب أن تكون لدينا أدنى أسعار فائدة في العالم”.

من يخلف باول

يسعى الرئيس ترامب للبحث خليفة لباول في رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بعد انتهاء ولايته في مايو المقبل، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية المستقبلية للمجلس، وقد يُعلن ترامب عن اختياره خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ويُعد كيفن هاسيت، الخبير الاقتصادي المحافظ المخضرم والمستشار الاقتصادي الرئيسي لترامب، المرشح الأوفر حظًا لخلافة باول. ويعرف عن هاسيت، موالاته لترامب، وقد شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى، ويرأس حاليًا المجلس الاقتصادي الوطني.
ولوقت طويل، دافع هاسيت بشدة عن سياسات ترامب الاقتصادية، مُقللًا من شأن البيانات التي تُظهر مؤشرات ضعف في الاقتصاد الأمريكي، ومُصرًا على مزاعم التحيز في مكتب إحصاءات العمل، ومؤيدًا لإدارة ترامب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
هذا الولاء الذي يتعهد به هاسيت للرئيس تساؤلات من المحللين حول ما إذا كان سيتصرف باستقلالية.
ومن بين الأسماء الأخرى التي تم طرحها لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي، الخبير الاقتصادي كيفن وارش، وحاكم الاحتياطي الفيدرالي الحالي كريستوفر والر، ووزير الخزانة سكوت بيسنت.