حوار الشرق والغرب.. تفاصيل جلسات مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025
واصل مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025 – الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار “الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة”، ترسيخ مكانته منصةً عالمية للحوار الفلسفي، عبر سلسلة من الجلسات العلمية التي ناقشت مركزية الفلسفة في التاريخ، ومسارات التفاعل بين الفلسفات الشرقية واليونانية، والإسهامات المعرفية للفلسفة الإسلامية في تطور الفكر الإنساني.
وجمعت الجلسات نخبة من المفكرين والباحثين، الذين قدّموا رؤى معمّقة حول مسارات التفكير النقدي عبر الحضارات، وخرائط التأثير المتبادل بين المدارس الفلسفية، وحدود حضور الفلسفة الإسلامية في الحقول الأكاديمية الحديثة.
مؤتمر الرياض للفلسفة
وفي جلسة “الفلسفة ومركزيتها في التاريخ” التي شارك فيها علي الرماح ومي الناهض ويوسف المبارك وأدارها محمد العمر، طُرحت مقاربات نقدية ركّزت على الدور التأسيسي للعقلانية والعملية في قراءة حركة الحضارات وصراعاتها، واستعاد الطرح تأثير هيغل بوصفه أحد أهم المؤثرين في بناء منظومات التفكير التاريخي.
كما قُدمت قراءة بديلة عبر نقد كارل بوبر للمركزية المطلقة، الذي دعا إلى الانفتاح على الآخر، والاعتراف بالخطأ، وتبنّي النقد الخارجي بوصفه شرطاً لتحرير الفكر من “السجون الحضارية”.
البناء المعرفي
وأكدت الجلسة أن الإنسانية تتجه نحو مزيد من التساوي والتوافق، وأن التحوّل من “السيوف إلى الأقلام” يعكس انتقال الصراع من الهدم إلى البناء المعرفي.
كما ناقشت الجلسة مفهوم “اللا” الفلسفية التي تفتح المجال لإنتاج المعرفة عبر مساءلة المسلّمات، إضافة إلى أثر القطيعة المعرفية على علاقة الإنسان بتاريخ الفكر، وارتباط الفلسفة اليونانية بجذور التساؤل الأول حول الوجود.
الفلسفة الشرقية
وفي جلسة أخرى بعنوان “الفلسفة الشرقية ـ اليونانية: المنابع، والأثر، والتفاعل” بمشاركة المبروك الشيباني المنصوري وحامد الإقبالي وبدور الفالح وإدارة مشاعل الحماد، جرى استعراض مسارات التأثير المتبادل بين الشرق والغرب، مع الإشارة إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت عودة واضحة نحو الفكر الشرقي منذ سبعينيات القرن الماضي، في سياق نقد الحداثة الغربية وإعادة النظر في أسسها المعرفية.
وتوقفت الجلسة عند أثر ابن سينا، بوصفه “المعلم الثالث”، وإسهاماته في إعادة صياغة مفهوم الوجود في نسق فلسفي جديد منحه حضوراً واسعاً في الفكرين الإسلامي والغربي.
التواصل الإنساني
كما قدّمت الجلسة قراءة تداولية للحوار في القرآن الكريم بوصفه مدخلاً تأسيسياً للفهم والمعرفة، مؤكدةً أن الحوارات القرآنية والنبويّة والأبوية أسهمت في بناء نماذج راقية للمنطق الحجاجي وأصول التواصل الإنساني.
وتطرقت الجلسة كذلك إلى نظرية الفعل التواصلي ومبادئ العدالة الأخلاقية عند أرسطو، إضافة إلى نظرية التأدّب بوصفها إطاراً معرفياً يقوّي البعد الإنساني للحوار.
واختُتمت الجلسة بتأكيد أن التفاعل الفلسفي بين الحضارات حركة مستمرة لا تعرف الاتجاه الواحد، وأن الفلسفة تظل مشروعاً مشتركاً في البحث عن الحقيقة.
الفلسفة الإسلامية
أما جلسة “البنية الفلسفية والإسهامات المعرفية للفلسفة الإسلامية” التي شارك فيها أحمد العنيزان وحصة المفرح وأدارها عيد الجهني، فقد ناقشت بنية الفكر الفلسفي الإسلامي وحدود تأثيره في تشكيل الفلسفات الحديثة.
وركزت المداخلات على تمثّلات الشر كما عكستها سرديات الأدب الغربي، مثل “1984” و”عالم جديد شجاع” و”حكاية الجارية”، وربطت هذه النصوص بتحولات السلطة والتكنولوجيا والخطاب النسوي في الفكر الأخلاقي الحديث.
الإشكالات الفلسفية
كما عرضت الجلسة نماذج عربية مثل “القوقعة” و”عطارد” و”يوتوبيا”، مبينةً اختلاف جذور الإشكالات الفلسفية بين السياقات العربية والغربية.
وفي محورٍ آخر، تناولت الجلسة حضور الفلسفة الإسلامية في المؤسسات الغربية، مشيرةً إلى أن الاهتمام ما يزال منصبّاً على المتون الكبرى مع قِلّة الالتفات إلى التراث الكلامي والأصولي.
الحوار الفلسفي العالمي
كما قدّمت مقاربة مقارنة بين مذهبي المنفعة والواجب، وناقشت إمكانية بناء نظرية معيارية مستلهمة من الفقه الإسلامي تُوازن بين الأخلاق والعواقبية.
واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن الفلسفة الإسلامية تمتلك أدوات معرفية قادرة على إثراء الحوار الفلسفي العالمي، وأن إعادة قراءة التراث بمنهج فلسفي حديث كفيلة بتقديم إضافات نوعية في حقول الأخلاق والمعرفة والدراسات المقارنة.
ومثّلت الجلسات الثلاث بانوراما فكرية واسعة لتاريخ الفلسفة وتفاعلاتها، قدّمت قراءة معاصرة لمساراتها، وأبرزت الدور الذي يلعبه مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة في ترسيخ مكانة المملكة مركزاً عالمياً للحوار الفلسفي وإنتاج المعرفة.
مكة بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
