مدير-صحة-الشرقية-الأسبق-يكشف-في-حوار-لـ-“اليوم”:-هكذا-تحولنا-من-«نقل-الجثث-يدويًا»-إلى-عصر-الذكاء-الاصطناعي

مدير صحة الشرقية الأسبق يكشف في حوار لـ “اليوم”: هكذا تحولنا من «نقل الجثث يدويًا» إلى عصر الذكاء الاصطناعي

أكد مدير عام الشؤون الصحية السابق بالمنطقة الشرقية، الدكتور أحمد العلي، أن الاحتفال باليوبيل الذهبي لكلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل يمثل توثيقاً لمحطة مفصلية في تاريخ النهضة الصحية السعودية، وليس مجرد مناسبة أكاديمية عابرة.
وأشار إلى تحول الكلية من بدايات متواضعة إلى صرح عالمي يصدّر القيادات الطبية لمستشفيات المملكة والعالم، وذلك تزامراً مع مرور خمسين عاماً على تأسيس هذا الصرح الطبي العريق.

اليوبيل الذهبي لكلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل
وعدّ العلي قرار وزير الصحة الأسبق الدكتور غازي القصيبي بإلزام خريجي الطب بالخدمة في الوزارة لمدة خمس سنوات نقطة تحول تاريخية، حيث أسهم هذا القرار ”الإلزامي“ في توجيه الكوادر الوطنية لبناء المنظومة الصحية من الداخل، وسد الفجوة الكبيرة في أعداد الأطباء السعوديين آنذاك.

ويستعيد د. العلي في حوار خاص لـ ”اليوم“، بمناسبة اليوبيل الذهبي لكلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل الذي يقام غدا السبت، ذكريات نشأة كلية الطب وبداياتها الأولى، وتحديات التأسيس، وصولًا إلى مسيرتها المتصاعدة وتطورها الأكاديمي والتقني حتى يومنا هذا، توثيقا لمرحلة مفصلية في تاريخ التعليم الطبي بالمملكة، وتحولت البدايات المتواضعة إلى صرحٍ أكاديمي وطبي يُشار إليه بالبنان، مواصلا دوره الريادي في إعداد أجيال من الأطباء الذين يسهمون في خدمة الوطن والإنسان..
وإلى نص الحوار:-
– نبدأ من البدايات… كيف تتذكر مرحلة ما قبل الابتعاث وبداية المسار المهني؟
أتذكر جيدًا الفترة التي سبقت قراري بالالتحاق بالبعثة إلى بريطانيا، حيث كان عدد الأطباء السعوديين العاملين في وزارة الصحة قليلًا جدًا. عند تخرجنا، اتجه عدد من الزملاء إلى جهات مثل أرامكو والمستشفيات العسكرية، بينما كان مساري مختلفًا؛ زواج، ثم البحث عن وظيفة في وقت لم تكن فيه الفرص متاحة كما هي اليوم.
كنت أظن أن العودة والالتحاق بالعمل أمر سهل، لكنني فوجئت بقرار تاريخي لمعالي وزير الصحة آنذاك الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله – بإلزام خريجي الطب بالخدمة في وزارة الصحة لمدة خمس سنوات، وهو قرار مفصلي شكّل مسارنا المهني.
– كيف كانت بدايتكم العملية في وزارة الصحة؟
عُيّنت في مستشفى الدمام المركزي، وهو المستشفى الوحيد آنذاك في المنطقة الشرقية، وكان يمر بمرحلة صعبة من حيث المباني والإمكانات. ورغم التحديات، كانت التجربة ثرية.
لاحقًا، وُكل للأطباء السعوديين مسؤوليات إدارية مبكرة إلى جانب العمل الطبي، فوجدنا أنفسنا نخوض الإدارة الصحية في سنواتنا الأولى، من خلال لجان متعددة كالتراخيص الطبية، وتطوير المراكز الصحية، والتموين الطبي، وهو ما عمّق فهمنا للمنظومة الصحية من الداخل.
– ما الذي دفعكم للتخصص والابتعاث؟ وكيف كانت التجربة في بريطانيا؟
تعدد المسؤوليات وحجمها المبكر دفعني للشعور بالحاجة إلى التخصص. تقدمت للابتعاث وحصلت على قبول مشروط في بريطانيا.
وبعد تقييم سريع من لجنة مختصة، مُنحت استثناءً تقديرًا لمستوى خريجي جامعة الملك فيصل آنذاك، وهو ما أكد لي السمعة الأكاديمية المتميزة لخريجي كليات الطب السعودية، والتي أثبتها أطباؤنا في مختلف دول العالم.
– نعود للمرحلة الجامعية… كيف تصف سنوات الدراسة الأولى؟
سنوات الدراسة لم تخلُ من مواقف لا تُنسى، خصوصًا في مرحلة التشريح، حيث كانت الإمكانات متواضعة جدًا، ونتعامل مباشرة مع الجثث دون وسائل حديثة.
أتذكر موقفًا مؤثرًا حين شاركنا – كطلاب – في نقل الجثث بأنفسنا إلى الثلاجات بإشراف أحد مؤسسي الكلية، في مشهد يعكس بساطة البدايات وعظمة الرسالة. ورغم ذلك، كان الشغف حاضرًا، والحرص على بناء طبيب حقيقي هو الهدف الأول.

– كيف كان دور قيادات الكلية في تلك المرحلة؟

كان للدكتور محمد التركي – رحمه الله – أول عميد للكلية، دور محوري واستثنائي، ليس أكاديميًا فقط بل إنسانيًا وأبويًا. بعده، واصل الدكتور توفيق التميمي – رحمه الله – مسيرة التطوير، وأسهم في بناء شراكات علمية نوعية. القيادة الواعية كان لها الأثر الأكبر في تجاوز ضعف الإمكانات وتحقيق مخرجات متميزة.

– كيف تقيم تطور كلية الطب اليوم مقارنة بالماضي؟

التطور كان مذهلًا. من بدايات بسيطة إلى برامج زمالة وبورد، ثم إلى مراكز محاكاة طبية، ورقمنة، وذكاء اصطناعي. اليوم أرى هذا التطور بعين الأب أيضًا، فابني أحد خريجي الكلية واستشاري طب أسرة. الفارق بين أسلوب دراستنا وأساليب التعليم الحالية شاسع، لكنه يعكس نجاح الرؤية والاستثمار في التعليم الطبي.

ما أبرز إنجازات خريجي الكلية على المستوى الوطني والعالمي؟

خريجو الكلية أثبتوا كفاءتهم داخل المملكة وخارجها، وتولّى كثير منهم مناصب قيادية في مستشفيات مرجعية ومدن طبية، كما يترأس بعضهم أقسامًا طبية في الولايات المتحدة وبريطانيا. هذه النجاحات لم تأتِ مصادفة، بل كانت ثمرة تعليم طبي رصين ورؤية مبكرة.
– كلمة شكر ودعوة للأجيال القادمة؟
أرفع أسمى آيات الشكر لولاة الأمر – حفظهم الله – على الدعم غير المحدود لقطاعي الصحة والتعليم، حتى أصبحت المملكة مرجعًا طبيًا عالميًا في زمن قياسي.
وأقول لأبنائنا وبناتنا: الطب مهنة إنسانية ورسالة قبل أن يكون وظيفة. قد يكون الطريق طويلًا، لكنه مليء بالبركة والأثر، وما يُقدَّم فيه هو استثمار في الإنسان والوطن.
– كلمة أخيرة عن هذه المناسبة؟
هذه المناسبة ليست مجرد احتفال بكلية، بل هي محطة من تاريخ النهضة الصحية في المملكة. كلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل كانت نواة التأسيس، وبُنيت بالإنسان قبل المبنى. وما نراه اليوم هو امتداد طبيعي لتلك البدايات الصادقة والطموحة.

مكة بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *